Vive le Cinéma Libre
تحيى السينما حرة
لقد أخرجت في حياتي ما يقارب السبعة عشر (17) فيلمًا كلها عن قضيّتين "فلسطين" و "حقوق الانسان" و لم يعتني بها إلا الشعب، فتداولها الناس خِلسة و دفع الكثير من الناس ثمنًا لذلك، فأعتبرت أفلامي تحريضية و منعت من العرض و نكّل بكل من قام بتوزيعها.
حتى أفلامي التي أخرجتها في التلفزة الوطنية التونسية لم تعرض و لو مرة واحدة ؟ و بقي الاعلام في سباته كما هو الحال اليوم الا من رحم ربي .
و اليوم، إجابه الدولة العميقة و الدولة الطافية على السطح في صمت . و لا أبالي فإن الذين يضغطون عليّ لعدم عرض الفيلم لتمرير أجنداتهم على حساب الحقيقة فإن هذه الحقيقة ستنفجر يوما ما في وجوههم مهما طال الزمان.
و الذي قال لي بأن فلمك سيفجر ثورة مبالغة في ذلك، فشعبنا يميز بين الغث و السمين، لقد رجعت لتوي من عرض فيلمي في الخارج و شاهدت رجالا و نساء يبكون و يقولون لي لقد أبكيتنا يا رجل و مسحت على جراحنا، نود أن نرى فيلمك لمدة أسابيع و أشهر لنمحي جزءًا من جراحنا. يكفني في ذلك أني هونت شيئًا من آلامهم و مسحت على آهاتهم و يكفيني أن وزيرا سابقا للداخلية شاهد الفيلم و رأى أن سلطته لم تكن تدري حجم المعانات التي تكبدها جزء واسع من الشعب دون علمه بذلك و قال لي أمني على الأمنيين أن يشاهدوا هذا الفيلم ليعلم البعض منهم ما قساه الشعب و ينتهوا للأبد عن ممارسة التعذيب و يراه البعض الآخر كعلاج لنفسيتهم المريضة لما قاموا به عن طواعية أو تحت التهديد و الأوامر.
ان واقع الثقافة اليوم مخزي للغاية فمثلما هنالك بوليس يراقبك في الواقع و يحدد لك خط سيرك فهنالك بوليس في كل الوزارات و الادارات بما في ذلك وزارة الثقافة لها جيش من "رجال اليقضة" يحددون من يأخذ الدعم و من يدخل المهرجانات و من يشارك أو لا يشارك...
لقد قام السيد المنصف المزوقي رئيس الدولة منذ أيام في القبة بلفتة كريمة تجاهي أشكره عليها فاني عرفته مناضلا ثابتا على المبدأ قابلته في منتريال عندما كنت في المنفى و شاهدت يومها الى أي مدى كان يدافع على قضيته قضية حقوق الانسان في تونس رغم أن يومها حشدت له السفارة كل قواها لثنيه الا أنه كان يدافع مثل الليث عن أفكاره و قضيته، أعتذر لك سيدي الرئيس عن عدم تلبية الدعوة في قصر قرطاج فإن أمورا كثيرة تحول بيني و بين ذلك و عسى أن نلتقيا في ساعة خير للوطن العزيز.
لقد راجت أخبار سمعتها عند وصولي البارحة من الخارج وهو أني مهدد بالقتل فاني أطمأن الجميع بأني بخير و أن مسألة التهديد لم تصل الى حد القتل و انما الغاية منها هي منع الفيلم من النشر قبل الانتخابات.
اني أجدد شكري لكل من ساندني من اعلاميين و أدباء و شعراء و فنانين و مثقفين و صفحات اجتماعية و غيرهم و أقول لهم أن ثورتنا مستمرة و أن الحب أحسن من الكراهية و أن التفائل أفضل من التشائم،ان تونس ألهمت العالم و جعلته يستنهض الهمم و يقوم من سباته وان تونس لقادرة ان تكون أول الدول العربية في ممارسة الديمقراطية و سوف يستعملون كل ما في وسعهم و خاصة بارهابنا من أجل طي صفحة الثورة و الرجوع لسيناريو ما قبل الثورة و لكن صبح تونس لقريب.
منصف بربوش
تونس
17 ديسمبر 2014