تحت إشراف وزارة الثقافة تفاجأ التونسيون بعرض يتضمن إيحاءات جنسية بإحدى المدارس بولاية جندوبة ضمن المهرجان الدولي للمسرح المحترف.
وأمام أطفال ظهر “شاذ” بملابس داخلية مع قيامه بحركات مخلة للآداب دون أن نسمع من الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها عندما تظهر فتيات صغيرات متحجبات ويصدعون رؤوسنا بأن الطفولة في خطر.
وحتى الرئيس قيس سعيد الذي رفع شعار الحرب على الفساد وشبه نفسه بالفاروق عمر بن الخطاب لم يحرك ساكنا أمام فساد لا يقل خطورة عن الفساد المالي والسياسي، خاصة أنه هو الذي يتولى اختيار الوزارء بمن فيهم وزير الثقافة بعد استحواذه على كل السلط في 25 جويلية الماضي.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتفاجأ الشعب التونسي بظهور أمثال هؤلاء “الشواذ” في الأعمال الفنية حيث تفاجأ التونسيون بظهور الممثل السوري حسين مرعي عاريا تماما في مشهد من مسرحية “يا كبير” التي عرضت على خشبة المسرح البلدي في العاصمة ضمن فعاليات مهرجان أيام قرطاج المسرحية في العام 2018 مما أدى إلى مغادرة عدد كبير من الجماهير غضبا من هذا المشهد.
حجج الممثلين
يتخبط ممثلون ومخرجو الأفلام والمسلسلات حول غايات التعري وتخبطهم هذا يخفي غاياتهم الحقيقية التي لا يتجرأون عن الإفصاح عنها.
ففي مسرحية “ياكبير” قال مدير أيام قرطاج المسرحية “حاتم دربال” إن مشهد تعري الممثل حسين مرعي تماما أمام الجمهور التونسي كان مشهدا ارتجاليا ولم يكن مبرمجا إلا أن مرعي نفى ذلك وأكد أن هذا المشهد موجود في مشاهد العرض منذ بداية البروفات.
كما يقول البعض الآخر منهم إن العري ضروري للإبداع وهنا نسأل ما العلاقة بين الاثنين وهل أن ظهور الممثل بلباسه يحد من الإبداع؟
ويرى شق آخر أن التعري في الأعمال الفنية هو عنوان لتعرية واقع المجتمعات ومن وما فيها ، وهنا نسأل لماذا يلتجئون من خلال عريهم إلى تعرية نمط عيش معين يقوم على تعاطي الخمور والمخدرات والخيانة الزوجية والزنا و إبراز النماذج السيئة والفاسدة والمفسدة في الأرض فقط؟
فهل عميت أبصارهم بعد عمي بصيرتهم عن إظهار القدوة الإيجابية في أعمالهم الفنية ؟ فأين الرجال والنساء المدافعون عن حقوق الإنسان كحقه في الكلمة الحرة؟ وأين المرأة المحافظة على حجابها والتي تربي أبناءها على قيم هويتنا الاسلامية؟ فهل خلى مجتمعنا من هذه المرأة ؟ و أين المتبنون لقضايا الأمة والرافضون للتطبيع مع الصهاينة والمقاومة للاحتلال؟ وأين المقامون للأنظمة الاستبدادية ونحن نعلم كيف أن شريط “صراع ” للمخرج منصف بربوش تم منعه من العرض في مهرجان قرطاج السينمائي بعد الثورة التونسية وهو شريط يعري معاناة إحدى العائلات من حكم المخلوع زين العابدين بن علي، فهل أنّ فترة حكم بن علي لا تستحق تعرية كاملة للوقوف على حجم الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب التونسي؟
إنهم أجبن من أن يتجرأوا على تعرية كل هذه القضايا والنماذج الإيجابية في مجتمعاتنا لأن هدفهم من أعمالهم الفنية ككل ومن عريهم هو نشر الانحلال الأخلاقي وإخراج الإنسان من كل ما يشده إلى إنسانيته.
حكم التعري في الدين
نبهنا الله سبحانه وتعالى إلى مسألة التعري بل وجعله محرما حتى في الجنة فقال لآدم بعد خلقه (إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى-118-طه) أي في الجنة ،كما حذرنا الله من أن الشيطان هو الذي يسعى إلى تعرية بني آدم فقال (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ-27-الأعراف)، وهنا نتأكد أن العراة هم “جنود الشيطان” ومن وقعوا في حباله بتحريك شهواتهم، ومن تتغلب عليه شهواته يصبح عقله الذي كرمه الله به خادما لهذه الشهوات وغائبا عن التمييز بين الخطأ والصواب.
و في ضوء مجموعة من الأحاديث، أبرزها ما رواه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك) قال : قلت : يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال : (إذا استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها). قال : قلت : يا رسول الله إذا كان أحد خاليا؟ قال: ( الله أحق أن يستحيا منه من الناس)” رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني.
التعري في علم النفس
كثير من الأطباء النفسيين يؤكدون أن الرغبة في التعري أمام الناس مرض نفسي يتطلب العلاج منه ويقولون إن ما نراه من عري منتشر في المجتمعات، لا يصحّ اعتباره صورة للفطرة الإنسانيّة السويّة، بل هو انتكاسة إلى الفطرة الحيوانيّة، وتعبير عن حالة مزرية من التخلّف والانحطاط في مختلف أمور الحياة، بما في ذلك أمور اللّباس وغيرها.
ويرى أغلب علماء النفس أن أحد أهم الأسباب التي تدفع بعض الأشخاص للقيام بالتعري هو عدم وجود ما يسمى حائط الصد النفسي، وهو ذلك الحائط الذي يعد مصداً داخلياً بالإنسان يمنعه عن التصرف تصرفاتاً غير سوية، مهما تعرض من مثيرات حوله، وهذا الحائط يتكون من عدة محاور مثل العقائد الدينية، والتربية السلوكية، والمجتمعية، والاتزان النفسي لديه وغيرها.
ليلى العود