-
كنت شاهدا
شهادة رقم 9
بورقيبة في ذاكرتي
كنت طفلا صغيرا لما تعرفت على الرئيس بورقيبة، كنا
نسكن" بموتيالفيل" و كان الزعيم
يقطن بقصره على شارع غرة جوان و كانت تكلفني والدتي بمصاحبة أخي الأصغر لمدرسته
"شفروي" على نفس الشارع و كان الزعيم يتمشى احيانا مع شخص أو اثنين
للفسحة في" البلفدير" و من وقت الى آخر يوقفنا و يطبطب على قفانا أو
خدودنا و بالوقت اصبحنا أصدقاء مع الكثير من ابناء الحى منهم أبناء عم عثمان كشريد
كان رئيس ديوان التجارة في ذالك الوقت و أبناء بن عمار و كان أخي الأكبر له علاقة
أكبر مع مدام نايلة بن عمار و كان في المكان الذي به سفارة بلجيكيا الآن براكة للحرس
الجمهوري يلبسون البرنس الأحمر و الأبيض و لما يقترب موكب الرئيس ننبههم فيمسكون
"الترمبيت" تا تا تا تا تا... و يدخل القصر في موكب بسيط للغاية و كنا أحيانا
نسترق النظر الى القصر الذي أصبح الآن مقر اقامة سفير بلجيكيا و كان يزور الرئيس
الكثير من القوم إلا أن السيد زكرياء بن مصطفى لم انسى اجتماعاته المتكررة مع الرئيس
و يجلسون احيانا على طاولة صغيرة بعد العصر و ذكرته بذالك أخيرا لما زرته في
الكشافة منذ 3 سنوات و كان طارق بن عمار أبن منذر بن عمار يصاحبنا في اللعب لما
يأتي مع والده ...و المهم أن أمي كانت تحب الزعيم الى اليوم وهي على مشارف التسعين
و لا تريد من ينقده و كنا اذا ما فتحنا التلفاز الأبيض و الأسود تطلب السكوت و
كانت تقول أنه هو اللي جاب الاستقلال لتونس
و بعد أن كبرنا و أصبحنا نفهم ما لبورقيبة وما عليه فنقول لها "يا أمي راهو
ثم برشة مناضلين ساهموا في تحرير تونس" تقول هو اللول "يا بنتي ثم ناس
أكبر منو أو شاركوا في النضال" تسكت غير مقتنعة و هكذا ... و اليوم نفهم أن
بورقيبة لم يأتي بشيء دون تجارب من سبقوه فحرية المرأة لم تأتي من فراغ فسبقه
الطاهر الحداد و بشيرة بن مراد و واصل هو على دربهم و أن زعماء كبار أمثال الحبيب
ثامر و الهادي شاكر و منصف باي و فرحات حشاد و الدغباجي و الماطري و الثعالبي و
على بلهوان و غيرهم قادوا هذا البلد قبل أن يقوده هو و أن المستشفيات بنيت قبله
مثل عزيزة عثمانة و غيرها ...و قام بعمل يشكر من أجل التونسيين و هكذا دوليك و جاء
يوم و قمت بعمل "فيلم تونس 87" و رأيت بأم عيني آخر اجتماع لبورقيبة في
قصر قرطاج و قد غادرته وسيلة بن عمار و كان معه سعيدة ساسي و جاؤوا بالجماهير
لترفعه على الأكتاف "بالروح بالدم نفديك يا بورقيبة" و يوم 7 نوفمبر قالوا
"بالروح بالدم نفديك يا بن علي" و بعدها لم يكترث أحد بمصيره الى أن مات
رحمه الله ... و اليوم يستعملونه لغيات ...و تلك الأيام نداولها بين الناس ....
منصف بربوش في 7 أفريل 2016