يعيدنا فيلم «صراع» للمخرج التونسي الكندي منصف بربوش إلى نهاية حقبة الثمانينيات وعشرية التسعينيات وحتى قيام ثورة الربيع التونسي الأخيرة، أي إلى مرحلة سوداء في تاريخ تونس الاستغلال..
حول هذا الفيلم جرى اللقاء مع مخرج الفيلم الذي يعالج قضايا هامة في حياة المهجرين قصرا، والمشردين والمظلومين، فكان هذا الحوار:

حاوره: مصطفى حابس

– مرحبا بكم أستاذ منصف في سويسرا، بداية ما هي الاقدار التي جعلتك تنحو نحو العمل السينمائي؟
– تربيت منذ نعومة أظفاري ضمن عائلة محافظة وكانت لأخوالي قاعة سينما اسمها «الحمراء» على نهج الجزيرة بتونس العاصمة وكانت خالتي رحمها الله من عائلة الدغري- المعروفة في الشرق الجزائري أثناء الاستعمار- وتسكن فوق القاعة ودأبت من يومها على مشاهدة كل الافلام التي كانت تعرض وأتذكر منها «فجر الإسلام» ،»واسلاماه»، «صلاح الدين الأيوب»، «عنتر وعبلة» وغيرهم.. وكم كنت انتبه الى أشياء بسيطة في تلك السن، سن الطفولة، ولكنها تثير عندي تساؤلات في ذلك الوقت مثل أني رأيت بأم عيني مثلا في الفيلم السابق فريد شوقي قتل، ولكنني أراه مجددا في فيلم حديث وهو حي يرزق، وهي طبعا خدعة وتمثيل لا غير، فكيف تمت هذه الخدعة وطريقة انجازها وغير ذلك من التساؤلات التي جعلت عندي حب معرفة أسرار هذا الفن. ولما كبرت واشتد عودي طلبت من والدي أن أدرس هذا الفن، وكان رحمه الله أستاذا زيتونيا، ووجهني لدراسة الاقتصاد والتجارة، ولكن حبي للسينما ازاداد لما انتقلت لأدرس في بلجيكيا، وتيقنت أن بلادنا تفتقد لهذا العلم، علم الاتصال والتأثير بالسينما. فلما اتممت دراستي، بعثت لوالدي الشهادة التي كان ينتظرها مني وقلت له إنه آن الأوان لأدرس ما أحب.. فقهرني وحثني على العدول عن ذلك المسلك، زاعما أن العمل السينمائي لا يتماشى مع أبناء العائلات المحترمة.. فأكدت له بأن فن السينما هو الذي يؤثر في الجماهير العريضة، ويؤثر في الفكر والمواقف وسبل اختيار الذوق، وحتى التجارة، فقط علينا أن نعرف كيف نستغل هذا الفن دون أن نقع في المحظور لا قدر الله.
فلما رأى مني اصرارا ، دعا لي بالتوفيق وكانت لي صداقة مع وكيل وزارة الثقافة في ذلك الوقت، وهو الأخ مرسي سعد الدين وكان آنذاك وزير الثقافة في مصر الأستاذ يوسف السباعي رحمه الله، وشجعاني على المضي قدما والمشاركة في مسابقة الدخول للمعهد العالي للسينما بالقاهرة، ونجحت بامتياز وبدأت الدراسة، وعاهدت نفسي بأن تكون أعمالي لنصرة الإنسان والقضية الفلسطينية.

– كيف بدأت مشوارك وأين، وهل لكم أن تعرفوا القارئ العربي بأهمها؟
– مشواري بدأ بفيلم عن قصة للدكتور يوسف ادريس «فوق حدود العقل» بطولة صلاح رشوان وهالة فاخر، وتدور أحداثها في مصر بعد حرب1973، وكان ذلك أول أعمالي الروائية. وعند رجوعي لتونس قمت بعدة أعمال لحساب شركات خاصة، وشاركت في عمل حلقات لمنظمة المؤتمر الاسلامي عن طريق أفلام افريقيا للمرحوم ابراهيم باباي. وفي سنة 1982 أخرجت فيلما للتلفزيون التونسي عن سيناريو للسيد علي بدرخان، عنوانه «الصمود»، وهو انتاج مشترك بين التلفزة التونسية ومنظمة التحرير الفلسطينية عن محنة الفلسطينيين بلبنان إبان الاجتياح الصهيوني للبنان، وفيلما آخر اسمه «حصار بيروت»، وتوالت هكذا أعمالي بين قضايا حقوق الانسان والقضية الفلسطينية، فكان فيلم «تونس87» و «نطق الحجر» عن الانتفاضة الأولى بفلسطين سنة 1987 و»الشهادة» وغيرهم، كما قمت بعد مغادرتي لتونس بإخراج فيلم «محاكمة تونس» 1992 الذي شارك بالملتقى الـ 11 للسينما الكبيكية بكندا، وواصلت عملي بالتلفزة بمنتريال الكندية.

– أظن أنك التونسي الوحيد الذي تخرجت في دفعتك، من المعهد العالي للسينما بمصر بهذا الفيلم أي « فوق حدود العقل»، فكيف كانت تجربة هذا العمل الأولى من نوعها، ولماذا لم يروج لها في تونس حينها كما ينبغي؟
– نعم كنت أول متخرج تونسي من المعهد العالي للسينما بالقاهرة، تلاني المخرج التونسي المعروف محمد الوحيشي، ثم فتحي الخراط رئيس قسم السينما الحالي بوزارة الثقافة. وعند رجوعي لتونس سنة 1979، اهتمت الصحف بعملي وروجت له، ولكن العمل كان من نوع الأفلام القصيرة وملك للهيئة العامة للسينما والمسرح والموسيقى، وكنت شاركت به في مهرجان الأفلام القصيرة بالقاهرة.
n تونس سمحت لك بالعمل بحرية في ميدان الفن السابع سنوات وسنوات، وأصبحت لك خبرة دولية، فلماذا تركت بلدك وفضلت الهجرة لكندا؟
pp في الحقيقة في تونس المعاملة تختلف من وقت إلى آخر حسب أفكارك أو أيدولوجيتك والخط الذي يسير فيه العمل والجو العام للبلاد، فأفلامي الأولى مثلا لما كانت لها منحى قومي قبلت بشكل عادي (فيلم الصمود) وفي نفس الوضع (فلسطين) ، أما (فيلم ونطق الحجر) عن الانتفاضة، فمنه بدأت المتاعب وبدأ شد الخناق، فدخلت في فترة العمل السري وبدأت في عمل سلسلة من الأفلام باسم مستعار، كنت حينها أوقع أعمالي باسم «محمد آمين»، فأخرجت فيلم «اليس الصبح بقريب» وفيلم»أكاذيب وحقائق» الخ…الى أن تم اعتقالي من طرف البوليس بمطار تونس قرطاج يوم 24 أبريل ، وتم التحقيق معي عن افلامي وعلاقاتي مع منظمة التحرير الفلسطينية ، ففررت الى كندا ولازلت الى اليوم مقطوع الجذور. عائلتي تعيش بكندا منذ ربع قرن، وأنا دائم التنقل بينها وبين بلاد العالم ووطني تونس.

– ما هي الأمور التي جعلتك تمكث بكندا منذ 1990 إلى اليوم، وما هي الأعمال التي أنجزتها في هجرتك الطويلة، وهل أنت مرتاح لتجربتك في الغرب؟
– ما قمت به من أعمال سبب لي الكثير من المتاعب والمشاكل قمت بها عن قناعة تامة، فأنا منذ أن رجعت من هجرتي الأولى وقد دامت أربعة عشر عاما في دولتي بلجيكيا ومصر، لاحظت حجم الانتهاكات التي يقوم بها النظام تجاه الشعب التونسي، والجميع يعلم مدى تأثير قمع السلطة على الشعوب ونتائج ذلك على نهضتها وانعتاقها فمنذ الدولة الأموية مرورا بالدولة العباسية الى ما يسمى بالدولة الحديثة كان لتلك الانتهاكات خسائر جسيمة على كل المستويات السياسية والاقتصادية والنفسية والثقافية وغيرها، وكل هذه السلط ساهمت في انحطاط العالم العربي والاسلامي باعتدائها على حرمات الناس فتأخر هذا الانسان على كل المستويات، واصبح هاجسه هو الأمن ولقمة العيش والفرار من بطش الحاكم (السلطة) فخسرت تونس الكثير من أبنائها. رأيت رجالا ونساء نادرا ما رأيت أمثالهم في حياتي، أناس كلهم طيبة أخلاق ووطنية وانسانية خسرتهم بلادنا، بل خسرت تونس كل شيء بل حتى غير المسيسين وغير الناشطين منهم اختنقوا من الجو القاتم والقاتل الذي أصبحت عليه تونس فاختاروا قوارب الموت أو هاجروا طواعية بدون رجعة وبقوا هناك.. فالسعادة عند اغلبهم هي وراء البحر فهنالك بقيت اغلب عقول تونس يستفيد منها الغير بعد ان دفع الشعب التونسي ثمن تعليمهم في الداخل والآن يستفيد منهم الخارج، فخسرت تونس أجيالا ولم يتطور الكثير منهم وأصبح جزء منهم عاطلا عن العطاء أو مريضا، ومات منهم الكثير تحت التعذيب ومن جراء الامراض الجسدية والنفسية.
لم تكن هجرتي اختيارية لا الأولى ولا الثانية الا أني سعيت أن أعمل جاهدا من أجل الجالية ومن أجل وطني تونس ومن أجل عائلتي فقمت بالعمل في قنوات تلفزية وأخرجت برامج منها «آفاق كيبك» و»نقطة التقاء»، وقمت بالمشاركة في انشاء راديو «سلام منتريال» مع اخوة من الجزائر ومصر..
– عدت لتونس مع الثورة وسقوط نظام بن علي، كيف كانت أحاسيسك وأنت تدخل بلدك لأول مرة بعد تهجير قصري دام عقود؟
– هي خليط من الأمل والألم.. كيف هي بلدي بعد كل هذه السنوات من الهجرة؟ كيف حال أهلي ومعارفي؟ وهل ما زلت أتذكر ملامح البعض منهم؟ ومن مات منهم ومن بقى على قيد الحياة؟.. المهم، عند نزولي بمطار تونس قرطاج، أحسست بأن أمورا تغيرت. كان ذلك اليوم يوم جمعة موافق لـ17جوان2011 وبعد تدخل السيد رئيس محكمة الاستئناف ووكيل الجمهورية بشكل سريع، أذن لي بالدخول فوجدت أمة من الناس فاغرورقت عيناي بالدمع عندما رأيت أخوة لم أراهم منذ أكثر من 21 سنة ورأيت أبناء لإخوتي سمعت عنهم ولم أراهم تخطوا الـ 20سنة ورأيت أمي كبرت وانحنى ظهرها ووهنت.. واشتعل الشيب في رؤوس اصدقاء ضربتهم سنين الجمر فكبروا قبل الأوان.. إلا ان الذي ابكاني الأكثر في ذلك اليوم هو ابنتي نور الهدى التي عجبت لكبر عائلتنا وكثرة السائلين عليها والمتوددين لها، فهي التي قالت لي يوم ان هرب الطاغية من تونس في بيتنا بمونتريال أمام اخوتها وهي تبكي (بابا انت حب تونس وانا حب كندا ..انت ترجع بلدك انا أبقى احب كندا)، فتيقنت يومها أن المخلوع بن على انتصر علينا حاكما وهاربا ففي ذلك الوقت أيقنت أن جذوري اجتثت من تربتها.

– فيلمك الروائي الجديد بعنوان «صراع» الذي عرض أخيرا في دول أوروبية يتطرق لمرحلة من مراحل تاريخ القمع في تونس الاستقلال، بحيث تناول الحريات والسجن السياسي والواقع الأمني البوليسي.. بإيجاز لو تفضلت بملخص للفيلم في نقاط؟
– «صراع» مدته ساعة و52 دقيقة، السيناريو لحسين محنوش يقوم بأدواره كل من هشام رستم وصالح الجدي ولمياء عمري ومجموعة من الوجوه الشابة التي يراهن المخرج على حضورها في الفيلم.
تنطلق أحداث الشريط بتاريخ 7 نوفمبر 1987 عندما علم الشعب التونسي بحصول التغيير الذي طالما انتظره والذي سيعيد الأمل قويا في نفوس التوانسة. لكن في ديسمبر 1990 وضع المواطنون حدا لأفكارهم، فكل ما حدث لم يكن سوى سراب حيث لم يكونوا في الحقيقة سوى أحرار مع إيقاف التنفيذ.. تتأرجح حياتهم بين السجن والتعذيب والإبعاد القسري والإقامة الجبرية.. وأشكال أخرى من الممارسات التي عطلت حياتهم ورمت بها في يأس مطبق، وبأساليب مباشرة أو غير مباشرة تم طرد المئات من المواطنين من أماكن شغلهم وتجويعهم ومنعهم من السفر.
الشريط يستعرض حياة الأستاذ وزوجته مريم وابنائه حيث تعتبر حياتهم عنوانا للعذاب مثلهم مثل آلاف المواطنين.. نقابيون وإسلاميون ويساريون وجدوا أنفسهم صفا واحدا رافعين شعار التحدي وتحقيق شيء غير مسبوق، وذلك لا يكون إلا بالوقوف والمقاومة، وعدم الخضوع.. الأطفال الذين كانوا أولى ضحايا هذا الاستبداد ماديا ومعنويا والذي أثر على مجرى حياتهم اليومية شعروا أن شيئا ما يحدث ليس له تفسير محدد. كل أطياف الشعب ضحايا وأبطال لملموا جراحهم وخرجوا كما لو أنهم على موعد ذات يوم 14 جانفي 2011 مطالبين بإسقاط النظام ورحيل بن علي..حيث طويت صفحة من تاريخ تونس وفتحت أخرى جديدة فإذا بالتونسيين يمنحون الحلم لشعوب أخرى. هذه باختصار أحداث فيلم «صراع» .. علما أن فكرة الفيلم كانت تراودني منذ جويلية 1990 عندما كنت في الصحراء الليبية في طريقي الى منافي القصري..

– لكن يبدو من خلال الفيلم أنكم أخترتم لغة جادة، ووجوه تونسية قديمة مجربة كهشام رستم وصالح الجدي و ووجوه نسوية حديثة كلمياء العمري «المحجبة» وأحلام حواص، كيف تعاملت مع الممثلين عموما وهل قبلوا العمل في فيلم مخرجه له خلفية سياسية؟
– اللغة السينمائية تبقي دائما لغة سينمائية، فهي التقنيات وحركة الكاميرا والقطع الخ .. لكن الأسلوب وطريقة تناول الموضوع هي التي قد تفرق بين الفيلم والآخر، فنحن بدأنا نؤسس الى «السينما التي نريد» نريدها لا تحلل ولا تحرم، هاته السينما نريدها تعالج قضايا الأمة وقريبة من الشعب وهمومه، نريدها للكبير والصغير تجمع العائلة امام الشاشة بدون خجل ويشارك الجميع في النقاش وابداء الرأي وفيلم «صراع» أرجع الكثير من العائلات للسينما وسال حبر كثير حوله مثلما لم يحصل من قبل مطلقا، وفجر فعلا نقاشا وتساؤلات لم تحدث من قبل وهذا الذي نريده ..حوار حول خياراتنا ومناهجنا في التربية والإعلام والثقافة.. أما فيما يخص صعوبة العمل مع الفنانين والفنيين فاني لا أدعي أني من طينة خاصة أو متميز على غيري من البشر. أنا مسلم عربي مثل الآخرين، على أن الانتماءات والحزبية والتعصب لا تخدم الأمة بل من الممكن ان يكون لك مشروع وتعمل من اجله دون انتماء، والدليل أننا عملنا هذا العمل سويا رغم كل الاختلافات السياسية والايدلوجية والفكرية ونجحنا سويا في انجاز عمل في ظروف طيبة وتوافق تام وشهد الكثير بأن الجو الذي تم اثناء التصوير لم يراه الكثرين منذ أمد طويل وكانت تجربة ناجحة تدل على ان التونسيين رغم اختلافاتهم السياسية فهم قادرون على العمل سويا في كل المجالات.

– لماذا هذا العنوان «صراع» ..وماذا يختزن، هل هو تصفية حسابات بين الحركة الإسلامية التونسية والنظام البائد، كما يقول بعض “النقاد” في تونس؟
– «صراع»، انما هو صراع التونسيون مع السلطة المستبدة، «صراع» هو أيضا الثبات على المبدأ وعلى النهج النضالي من اجل الحرية والحقوق وصراع من أجل التوافق والتعاون من أجل وطن لا يعتدى فيه على الحرمة الجسدية والفكرية للإنسان وليس هو من قبيل الحسابات ولا شيء آخر.. فالذين أثرنا قضيتهم هم تونسيون منتمون الى عدة فئات، حق عام، رجال أعمال، نقابيين، يساريين و..واسلاميين وهؤلاء هم الذين دفعوا أغلى ثمن بامتياز، في الفترة الممتدة ما بين 7نوفمبر1987و14جانفي2011 فالتونسيون جميعهم دفعوا ثمن حريتهم وحصدوا سويا ريع نضالاتهم إبان الثورة المباركة.

– ما هي التحديات التي واجهتكم لإنجاز هذا الفيلم، وماذا عن الدعم المالي من طرف الدولة أو الخواص لمثل عملكم هذا؟
– أي عمل فني لا يخلو دائما من العوائق وخاصة لما يكون العمل يغرد خارج السرب، فأنا أخترت منهجي ومواضيعي وعلي أن أقبل تبعات ذلك، فقد حاربت منذ اليوم الأول من أجل الا يخرج هذا العمل للجماهير وخاصة قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية، فالفيلم يقلق الكثير ويتكلم على الانتخابات وتزوير الانتخابات في وقت دقيق ويزعج خاصة أولئك الذين أخرجتهم الثورة من الباب الكبير، وأرادوا الرجوع من الشباك الضيق وخاصة أنهم شاركوا في الانتهاكات الواسعة التي مورست على الشعب الأعزل.
أما الشق الثاني من السؤال، فقد تم تضييع ملف طلب التمويل- حسب ما قيل لي- ولم اتحصل على اي دعم الا ان السيد وكيل السينما بالوزارة وعدني عند الاجتماع به، بأن الوزير الجديد سينظر مجددا في طلب التمويل وانا انتظر الوفاء بهذا الوعد.

– كيف تقيم رسالة عملك هذا الذي لم يروج له كما هو الحال لبعض الأعمال العربية والغربية حتى في بلدك تونس؟
– لم اكن انتظر هذا النجاح، وخاصة في ظروف هذا الزلزال الذي هز كيان الأمة كلها ألا وهو الثورات العربية. الثورة لها أعداء يهمهم طمس الحقائق فهم يخشون المحاسبة، وليس لهم الشجاعة من أجل الاعتراف بما اقترفوه في حق الشعب ولا يريدون ارجاع الحقوق لأصحابها مثلهم مثل الاستعمار الذي الى يومنا هذا لا يريد الاعتذار عن جرائمه في حق التونسيين والجزائريين وغيرهم وترون اليوم العالم كله بما فيهم تونس مستعدون للترويج لفيلم مثل فيلم «تومبكتو»

– هل تنوي عرض فيلمك في دول عربية أخرى؟
– لما سأل أحد المسؤولين مشرفا جزائريا على مهرجان عربي: «هل تستضيفون فيلم «صراع»؟»، رد عليه المسؤول الوزاري «تحب تعملنا واحد (الريفولسيون) أي الثورة بفيلم «صراع» هذا؟»، ردة فعل تفسر كل شيء، لذلك لا أتصور اليوم دولة مثل الإمارات أو مصر ممكن أن يعرض فيها مثل هذا الفيلم والانتهاكات على فئة معينة لازالت على أشدها وقد تقبله بعض الدول الأخرى.

– أنت متابع للسينما العربية عموما.. أين الخلل، هل هو في النص أم الممثلين أم في المال؟
– جل الدول العربية ليس لها سياسات توزيع لمنتوجها الثقافي، حيث أن القطاع ليس انتاجيا بل رهينا للدعم ويتدخل فيه السياسي في وقت أن أمريكا لها سياسات حماية لمنتوجها الثقافي وتشترط على أغلب الدول شراء هذا المنتوج ضمن الاتفاقات المبرمة ولذا نرى أن فيلما أمريكيا ينتج بمبلغ 30 مليون دينار يباع ب500 مليون وأكثر وينتشر ويدر أرباح طائلة ينتعش من خلالها القطاع، يستحيل لمنتج لوحده القيام بذلك للتكلفة الباهظة.
– أمور أخرى لم نطرحها عليكم، وتودون إضافتها ؟
– لقد اندهشت لمدى التفاف الجماهير حول فيلم «صراع» وعرفت أن الطريق التي سلكتها صعبة، ولكنها ذات تأثير كبير على الجماهير العريضة، وأريد أن أشكر كل من ساندني من الجماهير والفنانين والفنيين ومستعملي شبكات التواصل الاجتماعي والمحامين والقضاة الذين كانوا سباقين لبث فيلمي في ديارهم، ولن أنسى مساندة الرئيس السابق للجمهورية السيد المنصف المزوقي الذي فتح لي ابواب قصر قرطاج لعرض الفيلم والصحافيين والنقاد والحقوقيين وكل الأجانب الذين شجعوني على هذا العمل وأشكر كل العاملين في هذا الفيلم فلولاهم ما كان ليكون «صراع».. لأن أهم شيء في الحياة هو الإنسان، وعليه لابد أن نراهن على صون كرامته، وإقامة العدل فيه. وبذلك نستطيع أن نبني المجتمعات الفاضلة التي نصبوا إليها.